العبادي ونجيب محفوظ !! بقلم علي حسين
مطبوع يستعيد الخطوات الأولى لسيّد القصّ العربي ” نجيب محفوظ ” . يروي في صفحاته التي تجاوزت الخمس مئة ، كيف تقدم طالب المدرسة الثانوية بخطوات بطيئة باتجاه مكتب المفكر سلامة موسى ليسلمه على خجل مقالاً كتبه بعنوان ” احتضار معتقدات ..وتولد معتقدات ” لم يصدق أنّ صاحب المئة كتاب وكتاب ورجل التنوير الاول في مصر سيقول له بلطف : ” تفضّل استرح ” ويجلس المراهق وهو لايصدق نفسه أنه أمام الرجل الذي يجعله يقضي الليل سهراناً يطوف مع أحلام الفلاسفة .
أكثر ما لفت اهتمامي في مقال نجيب محفوظ الشاب ، هو نظرته الى المستقبل : يكتب في المقال :” ليس ثمة شك في أنّ استقرار الحياة وثبات المدنيات وسير الامور في مجراها الطبيعي ، لايمكن ان يتحقق من دون إصلاح المعتقدات القديمة والخرافات التي اصبحت تشكل عبئا على حياتنا ، وان لانكف عن بحثها ونقدها ” .
ما هو حال الذين يعيشون على الخرافات اليوم ؟ كيف يمكن أن يتقبلوا واقعا جديدا ، المكان فيه للحياة والمحبة وللعدالة الاجتماعية ؟ كيف يمكن أن يخرج الإصلاح وسط طبقة سياسية ، لاتزال تعتقد أنّ كراسيّها ومناصبها حقّ شرعي تفرضه السماء ، لاقوانين البشر .
توقعت الناس أن يحسم العبادي أمر الإصلاح منذ الأيام الاولى لتسلمه منصب رئيس الوزراء ، وأن يأتي معه بفريق عمل في حجم أزمة العراق فريق يوحي بالطمأنينة وبالثقة بالتغيير ، توقعت الناس أن يصغي العبادي الى صوت شباب التظاهرات ، وليس لهمسات عباس البياتي وهمهمات نوري المالكي.
يا رئيس وزرائنا العزيز ، إنّ صانع معجزة سنغافورة كان يستقبل في مكتبه الإمبريالي الاميركي هنري كيسنجر ليُصغي إليه ، وفي الوقت نفسه يذهب للقاء الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ ، هكذا تحولت الجزيرة التي كانت مستنقعاً للأوبئة ، إلى أكبر دولة اقتصادية في شرق آسيا ، سيادتك ماذا فعلت ؟ وضعت على رأس كل هيئة مستقلة رجل من حزب الدعوة .
أتمنى ان تسامحوني على هذا الإصرار في الحديث عن الإصلاح ، دون إشارة ولو صغيرة لما يجري على ارض الموصل والانبار من انتصارات يسجلها الجيش العراقي ، والسبب لأننا منذا أشهر نعيش في جو من فوضى الاخبار والمساجلات السياسية ، الإقلاع عن الحديث عنها يبدو ضرباً من المستحيل. كل يوم، في الصباح والمساء ، عيون الناس على نشرات الاخبار متى يخرج العبادي ، ليعلن انه جاد في التغيير ، وأن الإصلاح ليس استبدال أحمد الكربولي بشقيقه محمد الكربولي .
ياسيادة رئيس الوزراء لقد أضعنا من أعمارنا عشر سنوات في خطابات السيادة ، فهل تريد أن تضيّع عشرة جديدة في شعارات الإصلاح ؟!