المستنصرية تكسر ضلوعنا! بقلم عدنان حسين

47104

المستنصرية تكسر ضلوعنا! بقلم عدنان حسين
عدنان حسين

بالتعاون بين الحكومة العراقية وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)عُقِد في بغداد في 16 أيلول من العام الماضي مؤتمر شارك فيه أكثر من مئة شخصية إعلامية وأكاديمية ومن المجتمع المدني، للبحث في  “دور صناع الرأي العام في دعم المصالحة السياسية والمجتمعية”.

غاية المؤتمر كانت مناقشة كيفية خلق شراكة حقيقية بين لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية في مكتب رئيس الحكومة وقادة الرأي العام لدعم عملية المصالحة الوطنية. وقد استغرقت التهيئة للمؤتمر عدة أشهر، حيث كُلّف أكاديميون وإعلاميون بإعداد أوراق تبحث في هذا الموضوع، وانتهى المؤتمر إلى جملة من التوصيات وإلى تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات. اللجنة تألفت من متطوعين ـ أحدهم كاتب هذه السطور– عقدوا العديد من الاجتماعات في ما بينهم ومع مستشار المصالحة الوطنية ومع مسؤولي يونامي، واجتهدوا في تقديم مقترحات وفي إعداد برامج لتعزيز روح التسامح والغفران والمصالحة في المجتمع بمختلف قطاعاته وعبر مختلف الوسائل، الإعلام، الفن، التعليم وسوى ذلك.
الآن أشعر بأن لا جدوى من عمل هذه اللجنة ومن عمل كل اللجان والهيئات التي انشغلت في السابق وتنشغل الآن وفي المستقبل بهذا الموضوع .. إنه جهد ضائع يستنزف الوقت ويكلّف أموالاً من الأولى فتح مستوصفات أو مدارس أو تعبيد طرق بها.
ما نفع أن تُحرق الأعصاب ويُبدد الوقت وتُنفق الأموال الطائلة في مؤتمرات وندوات وبرامج وأعمال لإقناع الرأي العام، أو قطاعات منه، بأهمية وضرورة المصالحة، ثم تأتي مجموعة من الشبان الأغرار غير الناضجين، من الخاضعين لسلطة وسطوة حزبيين حاقدين أو ملالي من الدرجة العاشرة، لتنتهك الحرم الجامعي وتقدّم فيه تمثيلية لا يَصحُّ أن تُقدّم حتى في حسينية .. تمثيلية عن قصة  تاريخية غير ثابتة، بل ربما ملفّقة من الأساس؟
إنني أتحدث عن التمثيلية التي قُدّمت في الجامعة المستنصرية منذ أيام عن “كسر” خليفة الرسول الثاني وأحد صحابته المقربين، عمر بن الخطاب، ضلع السيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول وزوجة الإمام علي! .. هي تمثيلية جرت في حرم الجامعة المستنصرية عن حادثة غير مؤكدة والروايات عنها غير مُسندة، ويُشكّك فيها وينفيها العديد من فقهاء الشيعة وأعلامهم ومؤرخيهم  أنفسهم، ومنهم العلامة الراحل آية الله محمد حسين نصرالله، فضلاً عن الفقهاء والأعلام والمؤرخين السنّة وغيرهم.
هذا العمل الأخرق، من حيث الجوهر ومن حيث المكان الذي قُدّم عليه والزمان الذي عرض فيه، هو من النوع الذي يكسر فعلاً عظم السيدة الزهراء، بل يكسر ضلع كلّ عراقي وطني، لأنه يثير الأحقاد والضغائن والكراهية ويقصم ظهر الوحدة الوطنية المطلوبة ويعصف بكلّ الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة.
في بلاد أخرى تحترم الدولة فيها نفسها ورعاياها وتحترم حكومتها نفسها ومواطنيها وتحترم وزارة التعليم العالي فيها نفسها وتحترم الجامعة نفسها وتحترم الكلية نفسها وطلبتها، ما كان سيجري التعامل مع عمل أخرق بهذا بالصمت وعدم الاكتراث .. في الدول المحترمة، كان هذا العمل الأخرق سيتسبب في إقالة عميد الكلية ورئيس الجامعة ووزير التعليم العالي من مناصبهم في الحال إن لم يستقيلوا من تلقاء أنفسهم احتراماً لأنفسهم وكليتهم وجامعتهم ويعلنوا اعتذارهم عما فعله “الزعاطيط”.  

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...