المصرف يطرد المتقاعدين… بقلم عبد الحسن علي الغرابي..

طوابير المتقاعدين

المصرف يطرد المتقاعدين… بقلم عبد الحسن علي الغرابي

عبد الحسن علي الغرابي

في بلد الغرائب والعجائب كل شيء فيه له قيّمة إلا البشر لا قيّمة له ، ولا اعتبار ، لا قانون ولا نظام يحميه ، ويضمن حقه ووجوده في الحياة ، أنها سُنة هذا الزمان التعس ، الإنسان يذل ويهان ، في كل مكان دون رحمة أو إحسان .. صباح هذا اليوم 8 \ شباط  توكلت على الرحمن لاستلام الراتب التقاعدي من مصرف الرافدين في البياع ، بعد أن مضى على توزيع الرواتب ستة أيام ، كي أتجنب الزحام في بداية التوزيع ، والسبب الاخر كوني رجلا مسن في خريف العمر تجاوز 73 عاما لا يقوى على طول الوقوف والانتظار الممل ، تزامن دخولي المصرف مع بدء الدوام الرسمي ، انتظمنا طابور للرجال وآخر للنساء أمام نافذة الصراف في ممر ضيق ، كان أمامي ثلاثون متقاعدا والصراف يتناوب مرة يدفع لرجل ومرة لامرأة ، وأنا أعد تنازلا العدد لاقترب من النافذة لعلي أصل واستلم حالي حال من أستلم وغادر المكان الخانق  ، واستمر العمل الى أن أصبح بيني وبين نافذة الدفع أربع متقاعدين ، أفرح كلما أتقدم خطوة الى الأمام عسى أن تنتهي محنة ألم المفاصل بسبب هذا الوقوف المتعب ، أنظر خلفي أرى طابورا طويلا منهم مثل عمري وأكبر وبجانبي طابور من النساء يزيد عددهن على الرجال ، والمفاجأة الغريبة التي لم تكن في الحسبان جاءت الى الصراف سيدة يبدو أنها المديرة أو رئيسة قسم وصاحت بصوت عال على الصراف أن يتوقف عن الصرف وليذهب الجميع الى المكاتب الاهلية لاستلام رواتبهم من هناك ” ما عندنا فلوس خلصت ” أحدث صوتها زلزالا هز الحضور، وتعالت الأصوات بوجه الموظفة التي طلبت غلق نافذة الصرف إلا أن الأفواه لم تغلق ، وكأن الجميع عرف السبب ، وأدركوا أن أدارة المصرف متواطئة مع أصحاب المكاتب التي تخصم نسبة من الراتب ، بالإضافة الى  قرار الحكومة بخفض رواتب الموظفين و المتقاعدين ،ردت أحدى المتقاعدات على السيدة بالقول : ” تأكدي أن الزمن يتسارع وسيأتي اليوم الذي تقفين مثلنا نشحذ من يقدم لنا يد العون ، وأصلح الناس أصلحهم للناس ” لا سبيل غير أن أغادر المصرف مع من طرد ، واذهب الى مصرف الرشيد في بداية مدخل شارع 20 في حي البياع ، لأجد نفسي في نهاية طابور آخرطويل وأبدأ العد من جديد ، وسط  استياء وتذمر وعزوف الناس عن استلام رواتبهم من المكاتب التي هدفها أن  تحقق أرباحا عالية جدا هي و شركة د كي البطاقة الذكية على حساب عيش المتقاعدين المساكين الذين أفنوا زهرة شبابهم في خدمة هذا الوطن العليل الآن بسوء أدارته وغياب الرقابة في الدوائر الخدمية التي لها مساس بحياة المواطن الذي يتعرض للذل وسوء السلوك الذي يضيع فرحة حقه المشروع في استلام راتبه التقاعدي بعد انتظار شهرين ، ليجد نفسه أمام محنة بين المصارف ومكاتب شركة دي كي .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...