الصين الاولى.. بغداد أيضا… (كتابة علي حسين)

نصب الحرية

الصين الاولى.. بغداد أيضا… (كتابة علي حسين)
علي حسين

ذات ليلة قررت  يونغ تشانغ  ان تسجل  يومياتها  في الصين التي غادرتها منذ اكثر من  عشر سنوات، أضاءت أنوار  الغرفة وجلست لتكتب، تدون ملاحظاتها وتتساءل  الى متى يمكن ان يستمر هذا البؤس البشري ؟  وهل يمكن للأدب ان يكون شاهدا على كل  ما جرى، لاجيال كاملة كانت تنتظر ان تخرج من عبودية الاقطاع فاذا بها تعيش استغلال الاحزاب، ولم تكن تدري صاحبة الرواية الشهيرة البجعات الثلاث  ان  الزعيم الصيني الجديد  دينغ شياو  يقوم بزيارة سرية الى سنغافورة  ليعرف  بنفسه سر تطورها  وكيف تحولت هذه الجزيرة من مستنقع  فقير الى قوة اقتصادية كبرى، وليقرر بعده عودته الى بكين  ان ينقل بلاده من  زمن “البجعات الثلاث” الى عصر “اليوان الصيني” الذي يرعب الاسواق اذا ما مسه سوء.

يجب ان لاننسى ان ديانغ عاش ماركسيا ومات ماركسيا، لم يغير جلده، لكنه غير من طريقة تفكيره، ذهب ذلك الزمن الذي كانت فيه الصين خاملة تخاف من جارتها اليابان،  لقد قرر ديانغ ان يمنح الحياة لبلاده، لا مكان للخطب والشعارات، قبل ثلاثة عقود كانت الصين مجرد شعب  يحرث الحقول بحثا عن الأرز. والآن تخفق المشاريع الاقتصادية الكبرى  في أوروبا وأميركا وتزدهر في شنغهاي وبكين.
تحولت الصين خلال العقود الأخيرة من بيوت بسيطة إلى مدن تضاهي نيويورك وباريس ومن دولة تسبح في شوارعها الدراجات الهوائية، إلى بلد يسعى لشراء جنرال موتورز. إنها حكمة العصر الحديث. لقد بدأ العصر الصيني  في البزوغ،  هل تريدون ان تقرأوا آخر اخبار التنين الصيني فقد نشر موقع  “يو. بي. إس”  المالي، إن عدد أصحاب المليارات من النساء حول العالم يتزايد بشكل سريع، وإن عددا كبيرا منهن من الصين..الى اين سنذهب نحن الذين لانزال  نتباهى باننا علمنا البشرية الكتابة والقانون ولا تنسوا الفنون التي اكتشفنا بعد خمسة الاف عام انها “حرامس”.
في روايتها البجعات البرية تتذكر يونغ تشانغ طرقات الصين الترابية التي كانت تزدحم بالباعة المتجولين، اليوم بكين استبدلت العربات المتجولة،. بأحدث اساطيل السيارات. هذه الصين التي لانريد ان نصغي لتجربتها ونصر ان نعقد شراكة اقتصادية مع الصومال لننافسها في عدد الباعة المتجولين، ففي تقرير لوزارة التخطيط اخبرنا اصحابه ان بغداد  تحتل المرتبة الاولى في عدد “الباعة المتجولين” في العراق وتليها محافظة البصرة.
كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا مثلا، لماذا أهدرت في ولايتي المالكي الأولى والثانية ستمائة مليار دولار، والشباب لا يجدون غير العربات المتجولة يكسبون منها رزقهم، لا مشاريع ولا مصانع ولا شوارع نظيفة،  فقط المكان للسياسي الذي يصر ان حل  مشاكل العراق  يكمن في تحويل البصرة من اغنى مدن العالم،  الى مدينة لاكبر فوج للعاطلين.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...