المغتربون ومحنة تجديد جوازاتهم – (كتابة زيد الحلي)

اصدار الجوازات

المغتربون ومحنة تجديد جوازاتهم – (كتابة زيد الحلي)

زيد الحلي

جمعتني به المصادفة .. وما ان عرف انني صحفي ، حتى بدأ في الكلام الذي يقطر ألماً .. قال انني مواطن عراقي اعيش منذ مدة ليست بالقصيرة في دبي بالإمارات العربية  وعندي إقامة اصولية ، لكني ادفع حاليا يومياً غرامة قدرها مئة درهم اماراتي ، ما يعادل نحو 40 الف دينار بسبب عدم تجديد جواز سفري المنتهية صلاحيته ، ما اثر على قانونية استمرار اقامتي ، ومثلي عشرات من العراقيين وعوائلهم ، وتتعذر السفارة العراقية بنفاد جوازات السفر ، حيث لم ترسل وزارة الداخلية جوازات  جديدة ، وآخر جواز سفر اصدرته السفارة  كان في 2/ ايلول من العام الحالي ..

وفاض في سرد معاناته ومعاناة اقرانه في تجديد جوازات سفرهم ، مؤكدا ان تعليمات التجديد قاسية بحق المغتربين العراقيين ، تبدأ ولا تنتهي .. فعلى المواطن مراجعة السفارة ، ليعطى موعدا يصل الى ستة اشهر لتقديم المعلومات والمستمسكات المطلوبة ، ثم تبدأ رحلة الاستفسار المستمر عن موعد وصول الجواز !!

معضلة لا يحس بها إلاّ من عانى الاغتراب ، وهي  حالة بعيدة عن قيم المواطنة وتزيد من هموم المواطن ، وتجعله يعيش ازمة نفسية ، فالجواز يعني الاستقرار وعدم تجديده ، يتسبب في وقوعه فريسة للوساوس وفقدان المقدرة على التعايش في مجتمع الدولة التي يعيش فيها ، ويصيح شخصاً مطاردا من اجهزة الامن ، ويستمر تحت هاجس الخوف في دفع غرامات ، تثقل كاهله ، وربما يتوارى عن الانظار هو وعائلته تجنباً للمساءلة القانونية .

وانأ انقل هذه المعاناة ، اشعر بأن فؤادي تعتصره آلام لا نظير لها، وأمد أصابعي ألان إلى محجريّ، باحثا عن دمعة منسية في قعرهما، لأذرفها بحرقة لأنني بأمس الحاجة إلي شيء يطلق القهر المحبوس في صدري غير إنني لم أجد تلك الدمعة،  لمعرفتي ان الاغتراب ، يجعل المرء يبكي بصمت بلا دموع.. وما اقسي هذا النوع من البكاء!!

 ورغم ، الصوت المخبوء تحت عباءة الالم  الذي حدثنني به المواطن الباحث عن حقه في الحصول على جواز سفر مجدد ، ليواصل رحلة حياته الصعبة في بلد غير بلده ، لكني لمستُ في وجدانه مساحة كبيرة من الأمل في وطنه ، وهو امل بمثابة نور أقوى من كل الجراح والمصاعب وضربات الزمن …. أمل يمر بميلاد صعب دائم لا يصيبه العجز ولا تهزمه الأيام والسنين … حقا ان الامل هو مبكى الانسان العراقي، وهو أفق حياته ، وتلك لعمري احدى ميزاته  في وطنه وفي غربته .

فهل تستعجل وزارة الداخلية في اسعاف السفارات بأعداد كافية من جوازات السفر ، مقرونة بتعليمات تُسهل اصدارها للمواطنين بسرعة ؟

 

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...