التحليل السياسي والأمني والإقتصادي وفي أي مجال.. يعتمد في الأساس على توفر المعلومات والخبرة وقراءة الأحداث بشكل علمي ودقيق، ومن ثم الإستنتاج الذي يقبل الخطأ أو الصواب، ولا توجد حقائق قاطعة ونهائية في التحليل، وخلاف ذلك ينقلب التحليل إلى تضليل، ولا يوجد تكهن أو تخمين فذلك رجم بالغيب تحفّه الكثير من المحاذير، أقول ذلك وأنا أتابع (بعض البرامج السياسية) وضيوفها من الوجوه المكررة في الإعلام، والتي تقدم على أنها (خبرات استراتيجية)..!! و(بعض هؤلاء) يتحدثون في كل شيء إلا الحقيقة التي نعرفها، وينظرون إلى الأحداث من زوايا تتسم بالخداع، يتجاهلون التهديدات الإستراتيجية بمنطق قصير النظر، وضيق الأفق، والهدف هو تحقيق انطباع لدى المتلقي وليس اقتناع، وقد نجحت (بعض القنوات الفضائية) في (استبعاد أصحاب الخبرة والرأي المسؤول) لصالح (منطق مأزوم يفكر خارج حقائق الجغرافية السياسية، والذاكرة التاريخية، ويعمل على تقزيم مفهوم الأمن الوطني والقومي)،والنتيجة أن (الإنسان والحقيقة) هما ضحية هذه المقاربة المشوّهة، هذا ليس إعلام حر، وهذه البرامج لا تساهم في صناعة رأي عام واعي ومدرك لمستوى المخاطر والتهديدات المحدقة بالعراق والمنطقة، وهي ليست أكثر من تنفيس عن حالة الإحتقان والغضب الذي يسود الشارع، وحتى هذا التنفيس محسوب بدقة ضمن حدود غير مسموح بتجاوزها، وتبقى القرينة الثابته والمؤكدة أن البحث عن المسؤول في أي عمل يقتضي تحديد المستفيد منه.. والسؤال هنا: من المستفيد من هدم وتشويه فكرة الإعلام الحر وهو حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي..؟؟
*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع وقيادة العمليات
*أستاذ الإعلام المعاصر