يا أطفال العالم اتحدوا..بقلم ضياء الوكيل*

الأمّهاتُ في غزّة يشبهن مناديل الوداع، وعيونهنّ مثل أجراسٍ تبكي، لبسن الحداد من بؤبؤ العين حتى قامة الحزن والعذاب، يتمرغن بالدعاء والصلوات إلى الله كي ينجي الصغار، ويقرعن باب الأمل المغلق فوق صدورهنّ مثل قبرٍ قديم، يمسحن عن جوع الأطفال ترنيمة الغفوة، فالحلم لا يحضر هناك، لا قمحا ولا حنطة، يشعرن في كلّ لحظة أن الرحلة تمضي نحو الهاوية، أمّا الآباء فيتكئون على سنوات مديدة من المعاناة والتعب والصبر المزمن، وعيونهم تلمع مثل ذهب مفترس، وقد اكتظت في خوابيها الدموع، يهيمون على وجوههم مثل الغرباء، يبحثون عن خيمةٍ بدلاً من وطن، وعن كسرة خبزٍ تحفظ ما تبقى من كرامة، وقد استحالت عندهم الأماني والبيوت الى غبار، أعادوهم الى العصر الحجري، والضمير الحجري، المأساة في غزّة تحيل الأمهات الى الجنون، والأطفال الى قبضة من موتٍ مفجعٍ، والآباء صاروا مثل لفافةَ تبغٍ يحترق، لا حول ولا قوّة لهم، والجميع يتسائلون ماذا فعلنا كي نطحن في هذا الجحيم..؟؟ لا نريد أن ننام في سرير الحروب، لا نريد أن نكون وليمة في مهرجان الموت الرخيص، وصيحة الأطفال كأنّها نذيرٌ في عصر الطوفانِ والحرائق، يا أيّها الناس.. نحن أطفال فلسطين، الأرضُ المغسولة بعطر الصلوات، نحن أطفال القدس عاصمة الله، نحن أطفال غزة هاشم، قديسة الضحايا والألم، ننتشر مثل رائحة الخبز والزيتون، جرحنا معراج، ودمنا شهاده، نتضامن مع أطفال لبنان، كلّ لبنان، وكلّ المعذّبين والمسضعفين في الأرض،(ما القمح، ما المهود، ما الجراح، ما البشر..؟؟ وكلّ ما نراهُ دمٌ ينزُّ، أو قبورا، أو حُفَرْ)، نريد أن نرى المدارس والملاعب والشموس، نريد أن نرى الحبّ والجمال والسنابل، نريد حقلا من ثمار، وغيمة تضحك، لا نريد مطرا من قبور، أو سماءً من قنابل، نريد ان نتحد مع أطفال العالم لنوقف إبادة الجنس النقي، التقي، الطاهر، لنوقف النزيف، وهذا الكابوس المخيف، نريد أن نعيش وأن نعطي، نكرهُ الخوفَ والظلمَ والظلام، يا أطفال العالم: نحن قادة الغد الموعود، والزمن المرصود، نفتح بابا للنور، والأمل المذعور، تعالوا لنبني عالما أقل عذابا وجوعا وفقر، عالما بلا حروب أو أطماع، لنوقف آلهة المال والإحتلال، والشهوة المتعاظمة للدماء والجشع والاستبداد، تعالوا لنبني صرح العدالة والحرية والسلام، فعندما يهجر السلام والعدل هذا العالم، يصبح اللصوص حكاما، والغيلان ملوك..

*مستشار وناطق رسمي سابق

شاهد أيضاً

قرار منع الخمور، والإنسان المهدور.. بقلم ضياء الوكيل*

لا نجادل في شرع الله، ولكن قرار (منع الخمور) في العراق الذي يلتقي الجميع تحت سقفه وخيمته لا يمكن تفسيره إلا أنّه محاولة لفرض (الوصاية والزي الموحد) على (مجتمعٍ متعدد الأطياف والأديان والأعراق والثقافات). مع نمط من السيطرة على الحياة العامة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.