في مرمى الكاتيوشا..( تحليل) بقلم ضياء الوكيل

 

قصف قاعدة التاجي العسكرية وإيقاع قتيلين أمريكيين وثالث بريطاني وإصابة 12 آخرين، كان يهدف طبقا للتحليل الأولي إلى استدراج الأمريكان لشن هجمات إنتقامية قد تتسبب في خسائر جانبية غير مبررة في ظل ظروف حساسة وخطيرة، وبالتالي تصعيد الموقف بفرضية الفعل ورد الفعل، وذلك ليس ببعيد عن الصراعات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، إلا أنّ الأمريكان على ما يبدو يدركون ذلك فجاء ردهم باستهداف (فصائل عراقية) على الجانب السوري من الحدود عند منطقة البو كمال وأعتقد أنه نفذ بتفويض تكتيكي خولت به قيادات ميدانية محلية والأهداف محددة مسبقا.

ولتقييم الموقف ومساراته المحتملة لا بد من الإشارة إلى أن رد الفعل الحركي الأمريكي يحتكم لنظام حسابات وتقييم معقد، ويعتمد العوامل الآتية: (التنبؤ، التناسب، المساءلة) وهو الذي يحدد مستوى الرد وخياراته على حوادث بتوصيف هجمات صاروخية مجهولة المصدر ولا تتبناها أيّة جهة، وإن كان القصف الأمريكي عند الحدود السورية قد ألمح باتهامات غير مباشرة لجهات معينة..

والسؤال هنا: هل ستتوقف التطورات عند حدود ما جرى في التاجي والبو كمال أم أن الأمر لا يزال قيد التفاعل والتصعيد ومفتوح على تدهور وتوتر محتمل..؟؟ في إعتقادي أن الأمريكان يواجهون مأزقا كبيرا في العراق وهو عجزهم عن توفير الحماية لجنودهم والمتعاقدين معهم الذين أصبحوا في مرمى صواريخ الكاتيوشا مع عجز حكومي واضح في منع هذه الهجمات، وهذه الحلقة المفرغة من الفعل ورد الفعل وما يترتب عليها من خسائر بشرية، وتقويض للأهداف العسكرية، وتحديد في الحركة، وفقدان المبادرة، قد تدفع الأمريكان إلى اللجوء للخيار الأصعب وهو تعويض فشل الحماية باستخدام الردع العسكري من خلال تنفيذ هجمات إنتقامية تهدف إلى تقليل الهجمات المضادة وهذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة قد تستدرج الموقف إلى تصعيد يخرج عن السيطرة..

وعليه فأن هذا الملف سيبقى مفتوحا على تداعيات قد تأخذ أكثر من وجه ومن بينها ( هجمات إنتقامية، استهداف قيادات بالاغتيال، عقوبات، ملاحقة قانونية على الصعيد الدولي) والبيان الأمريكي البريطاني (تعهد بمحاسبة الجهات المتهمة بقصف قاعدة التاجي) على حدّ وصفه … 

خلاصة التحليل:أن أي تأخير في الرد الأمريكي لا يعني بالضرورة أن هذه الصفحة قد إنطوت بملابساتها ونيرانها ودخانها الذي لم ينجلي بعد، بل قد تعني العكس تماما..!! كيف..؟؟  أقصد ربما تكون الأمور قد خرجت من تخويل القيادة المركزية العسكرية إلى صلاحية المستوى السياسي في واشنطن، وذلك ينذر بهجمات قد تطال أهدافا ذات قيمة إستراتيجية، ليس بمعنى إندلاع حرب وشيكة.. إنما المقصود أن الأمريكان سيبحثون عن رد يوفر توازنا ما بين التأثير العسكري والبعد السياسي، وتتناسب فيه القوة المستخدمة مع حجم الأضرار، دون أن يتسبب ذلك في تصعيدٍ يخرج عن السيطرة مع تجنب أي خطأ قد يبتعد عن حدود اللعبة وقواعدها التي لا زالت سارية لدى جميع الأطراف… 

info@dheyaa-alwakel.com

dheyaa@dheyaa-alwakel.com

 

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..