شبح الانتقام الرئاسيّ…!!! بقلم عدنان حسين

60608

شبح الانتقام الرئاسيّ…!!! بقلم عدنان حسين
عدنان حسين
ثمّة شبح يجول في البلاد، انطلاقاً من المنطقة الخضراء. رئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب بكامل قوامها – وأرجو ألّا يكون رئيس الجمهورية ضمن هذا الركب- يدفعون باتجاه إلقاء القبض على مئات من المتظاهرين بتهمة خرق القانون والحطّ من هيبة الدولة والإضرار بالمال العام.

المتظاهرون الذين يلاحقهم شبح الانتقام الرئاسي، الحكومي – البرلماني، هم الذين اقتحموا مبنى مجلس النواب في اليوم الأخير من الشهر الماضي، وعبث بعضهم، وربما غيرهم، بالمكان فأحدثوا أضراراً قدّر أحد أعضاء مجلس النواب قيمة إصلاحها بخمسة وستين مليون دولار، وهي قيمة مُبالغ فيها على نحو مفرط، لكنها بالطبع ليست كذلك بمعايير الفساد الإداري والمالي الذي لم ينجُ منه أي مشروع  أُنجز أو تعثّر أو جرى التعاقد عليه ولم يُنجز، منذ 2003 حتى اليوم.
من الواضح أنّ رئيس الوزراء، ومعه رئاسة مجلس النواب بكامل هيئتها، تحدوهم رغبة في فعل شيء يعتقدون أن في مقدوره تعويضهم عن فشلهم في تحقيق قصة نجاح واحدة ذات قيمة منذ تولّيهم مناصبهم قبل نحو سنتين حتى اليوم، برغم الوعود الخلّابة التي أطلقوها في الحزم الإصلاحية المعلنة في العام الماضي وجرى اختزالها إلى تشكيل متعثّر لحكومة توصف بأنها تكنزقراطية ومستقلة، ولن تكون كذلك. وبالنسبة لرئيس الوزراء ورئاسة البرلمان فإن المتظاهرين حاشية رخوة وهدف سهل، بخلاف غيرهم ممن تتوفر لهم الحماية المكينة بفضل كتلهم البرلمانية والحكومية الكبيرة والميليشيات المدججة بالسلاح الخفيف والمتوسط والثقيل، فضلاً عن المال الفاسد.
 الأكيد أنّ رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان لن تعوزهما الحيلة ولن تنقصهما القدرة على القيام بالفعلة التي يجول شبحها في طول البلاد وعرضها، فإلى جانبهما سيجدان قضاءً جاهزاً لأن يكون، كما كان من قبل، طوع البنان، وسيصطفّ معهما “إعلام” فاسد  يطبّل ويزمّر ويرقص في كل “مولد” رسمي.
وإذا ما حصل وقام رئيس الوزراء وهيئة رئاسة البرلمان بهذه الفعلة، فإنهم في الواقع سيفتحون عليهم أبواب جهنم. الناس الذين فقدوا الثقة بالحكومة والبرلمان والقضاء، وهم كثيرون للغاية، سيطرحون الأسئلة التي يصعب على رئيس الحكومة وهيئة رئاسة البرلمان الإجابة عنها، وهي أسئلة تتعلق بالمئات، بل الآلاف، من عمليات الخروج على القانون والتعدّي على الأملاك العامة وسرقة المال العام على أيدي كبار المسؤولين في الدولة، حكومة وبرلماناً وقضاءً وهيئاتٍ “مستقلة”، وفي الأحزاب والكتل والائتلافات الحكومية والبرلمانية المتحكمة بالعملية السياسية.
من هذه العمليات أو القضايا، على سبيل المثال، أنّ أحزاباً وزعاماتٍ حزبية مُمثَّلة في الحكومة والبرلمان وقيادات ميليشياوية قد استحوذت، من دون وجه حق، على أملاك عامة ثمينة وتصرّفت من دون سند قانوني بمليارات الدولارات التي غُسلت وهُرّبت إلى الخارج (تُقدَّر قيمتها بما يزيد على 400 مليار دولار)، فلماذا لا تُظهِر الحكومة ورئيسها والبرلمان وهيئته الرئاسية والسلطة القضائية، غِيرتَها حيال هذه التجاوزات الخطيرة المتكررة، فيما تأخذهم الحميّة بعيداً جداً حيال قضية لا تكاد تُذكر في حجمها وقيمتها ودلالتها بالمقارنة مع قضايا التعدّي على أحكام الدستور والقوانين النافذة والتطاول على أملاك الناس والممتلكات العامة وهدر المال العام، بل سرقته.
كيف، حينئذ، سيواجه رئيس الوزراء وهيئة رئاسة البرلمان هذه الأسئلة وسواها؟ وبماذا يجيبون عنها؟!

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...