ما بالك يا وطني ؟… بقلم زيد الحلي

نصب الحرية

ما بالك يا وطني ؟… بقلم زيد الحلي

زيد الحلي

يا رب ، ما بال عراق الحضارات والارادات والطموح والسكينة المجتمعية ، ليكون بلدا قلقا ، غابت فيه بسمة الامل ؟ ما بال وطن من العالم الثالث ، وضعوا اسمه في سبعينات القرن المنصرم على جدول الدول الاكثر نموا ، ووصفوه بالدولة الاولى صناعيا وزراعيا في المنطقة ، ليصبح وطنا عينه على الحدود بانتظار بضاعة تسد رمق سكانه من المأكل والمشرب المستورد من كل بقاع العالم ؟ ما بالك يا وطن نهري دجلة والفرات ، تستورد قناني ماء الشرب من الكويت والسعودية وايران .. هل جف ماؤك ؟

هل يصدق المرء، ان اسواق محافظة البصرة، موطن ملايين النخيل مكتظة حالياً بأنواع التمور المستوردة من السعودية وايران والامارات .. اين الخستاوي  والبربن  والاشرسي وبرحي البصرة ؟ وفي اربيل غاب لبن اربيل الشهير وحلت بدله ألبان مستوردة من تركيا .. ما بالك يا وطني ، كنت ترفض (بطراً) استخدام المنتوجات الصناعية من اليابان وتسميها (جابان) واليوم كل بضائعنا ( صينية المنشأ ) وباتت الصناعة اليابانية ترفاً …  والامثلة تزداد ، ومعها يزداد الم الواقع المر الذي وصل اليه عراق اليوم .

لست متشائما، واعرف التحديات التي تواجهنا ، لكني ادرك ويدرك غيري ان هذه التحديات والمعوقات ، لم تأخذ من فكر الدولة ومؤسساتها الوقت الذي ينبغي ، ولعل في اختفاء مجلس للتخطيط ، هو احد واهم اسباب تدني الواقع العراقي ، ووصوله الى قاع اليأس، فلا خدمات للطرق والمواصلات، والاتصالات، والصرف الصحي، والكهرباء، والمياه ، وظهرت في الافق بوادر لمحاولة  الدولة  التخلص  من عبء إدارة المستشفيات والمدارس وتعطيها للقطاع الخاص دون رقابة ، باسم الخصخصة ، وهناك مؤشرات على تدني الناتج المحلي ونصيب الفرد منه، وارتفاع التضخم بشكل صارخ ، وقلق اقتصادي يومي يعيش داخل الاسرة العراقية نتيجة اخبار انخفاض سعر النفط وتأثيراته على مدخولات العائلة سواء في الاجر ، ام في تقلبات الاسعار اليومية بمختلف اوجه الحياة المعيشية..

ان بلدا مثل العراق ، تربى على وجود مجلس اعمار اعلى منذ خمسينات القرن المنصرم ، وعلى خطط عشرية وخمسية من خلال وجود مجلس للتخطيط  يضم  خيرة خبراء الاقتصاد والتنمية والصناعة والزراعة ، وقراراته مهابة ، يستطيع ان يعيد توازنه المهلهل الحالي ، من خلال تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية جيدة ، وانتهاج سياسة الاعتماد على النفس،  وبالاستغلال الأمثل للإمكانــــــــــات المادية والبشرية المتوفرة ، والعمل على تنميتها بطريقة علمية ، والسعي الى الاهتمام بتكوين الفرد كونه العنصر الفعال في كل عمل تنموي، وتشجيع البحث العلمي للوصول إلى الإبداع التقني وتجاوز مرحلة الاستهلاك ، التي باتت صفة عراقية مؤسفة … وهي بيـــــت الداء ..!!

لنرجع الى أدبياتنا التخطيطية في الاقتصاد والتنمية ، ففيها كل علاجات امراضنا ، وهي موجودة في ادراج الوزارات والجامعات .. فهل نحن فاعلون ؟

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...