قررتُ الليلة أن لا أخوض بمستنقع السياسة وأهلها ومزادها الكبير . سأترك الناس تتباطح وتتناطح وتتضاحك وتتناكت حول ماعون طقطوقة إنّ المجرَّبَ لا يجرّب .
سأهجر الجدل المستعر بين من يريد الذهاب الى محبرة الانتخابات البنفسجية ، وتطميس اصبعه فيها راضياً مقتنعاً ، وبين من يريد أن يستمتع بالعطلة كاملة ويبقى نائماً حتى أذان العشاء . لن أكتب عن أمين الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وروسيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية ، الذين قالوا للرئيس التاجر دوني ترامب ، اذهب وحدك وافسخ عقدك في الاتفاق النووي مع ايران ، لأننا نراه هو الحل الممكن الأفضل الذي ما زالت إيران ملتزمة به ، في الوقت الذي صمتَ هؤلاء الأوغاد كلهم عن أكاذيب أمريكا وبريطانيا ومنغلة العملاء حول برنامج نووي عراقي ، انتهى تماماً بعد أن قامت اسرائيل المجرمة بتدميره في أول سنوات الحرب الايرانية ضد العراق .
لا شأن لي بما يحدث في جزيرة وأرخبيل سقطرى اليمني ، ولا أدري إن عادت جزر حنيش الى البلد السعيد . لن أجادل في مسألة فصل الدين عن السياسة ، لأن عمائم التضليل والتخدير والتكفير قد ربحت الجولة وانتهى أمر هذه المتلازمة المميتة .
لن أتحدث عن باب الرزق الضخم الذي انفتح في سوق الانتخابات ، حيث الفائدة الدسمة قد عمّت التلفزيونات والجرائد وعمالها ، والحدادين والخطاطين والنجارين والقمّاشين والصباغين والراقصين والمغنين والطبالين والزمارين ونوادي الليل والفجر .
سأضمّ لساني بحلقي ولن أشتم السفلة الأوغاد الأنذال الحرامية الذين قتلوا البلاد وأهلها بدم بارد ، ومن دون مثقال ذرة من ضمير أو بقايا شرف وآدمية .
لن أنصح مصر والسودان بتوحيد قلبيهما في أيام المفاوضات المائية الشاقة مع اثيوبيا وسد النهضة الكبير ، ولن أذكّرهما بالخلاف المرير الطويل الذي كان قائماً بين العراق وسوريا ، ما أدى تالياً الى ضياع حصتيهما معاً من ماء دجلة والفرات اللذين ينبعان من تحت الطربوش العثماني القوي .
سأترك جمل السياسة الليلة وأصرف ساعاتي كلها في مسألة ايجاد حلٍّ ناجعٍ ، قد يقضي تماماً على صوت ناقوط الحنفية الذي يواصل رنينه برأسي المتعب مثل متوالية تك تك تك تك !!