ناقوط الحنفية الحقير* – بقلم علي السوداني

قررتُ‭ ‬الليلة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أخوض‭ ‬بمستنقع‭ ‬السياسة‭ ‬وأهلها‭ ‬ومزادها‭ ‬الكبير‭ . ‬سأترك‭ ‬الناس‭ ‬تتباطح‭ ‬وتتناطح‭ ‬وتتضاحك‭ ‬وتتناكت‭ ‬حول‭ ‬ماعون‭ ‬طقطوقة‭ ‬إنّ‭ ‬المجرَّبَ‭ ‬لا‭ ‬يجرّب‭ .‬

سأهجر‭ ‬الجدل‭ ‬المستعر‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الذهاب‭ ‬الى‭ ‬محبرة‭ ‬الانتخابات‭ ‬البنفسجية‭ ‬،‭ ‬وتطميس‭ ‬اصبعه‭ ‬فيها‭ ‬راضياً‭ ‬مقتنعاً‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يستمتع‭ ‬بالعطلة‭ ‬كاملة‭ ‬ويبقى‭ ‬نائماً‭ ‬حتى‭ ‬أذان‭ ‬العشاء‭ . ‬لن‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬أمين‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوربي‭ ‬وروسيا‭ ‬والوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬،‭ ‬الذين‭ ‬قالوا‭ ‬للرئيس‭ ‬التاجر‭ ‬دوني‭ ‬ترامب‭ ‬،‭ ‬اذهب‭ ‬وحدك‭ ‬وافسخ‭ ‬عقدك‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬،‭ ‬لأننا‭ ‬نراه‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الممكن‭ ‬الأفضل‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬إيران‭ ‬ملتزمة‭ ‬به‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬صمتَ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأوغاد‭ ‬كلهم‭ ‬عن‭ ‬أكاذيب‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ومنغلة‭ ‬العملاء‭ ‬حول‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬عراقي‭ ‬،‭ ‬انتهى‭ ‬تماماً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬اسرائيل‭ ‬المجرمة‭ ‬بتدميره‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب الايرانية‭ ‬ضد‭ ‬العراق‭ .‬

لا‭ ‬شأن‭ ‬لي‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬وأرخبيل‭ ‬سقطرى‭ ‬اليمني‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬إن‭ ‬عادت‭ ‬جزر‭ ‬حنيش‭ ‬الى‭ ‬البلد‭ ‬السعيد‭ . ‬لن‭ ‬أجادل‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬عمائم‭ ‬التضليل‭ ‬والتخدير‭ ‬والتكفير‭ ‬قد‭ ‬ربحت‭ ‬الجولة‭ ‬وانتهى‭ ‬أمر‭ ‬هذه‭ ‬المتلازمة‭ ‬المميتة‭ .‬

لن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬باب‭ ‬الرزق‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬انفتح‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الانتخابات‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬الفائدة‭ ‬الدسمة‭ ‬قد‭ ‬عمّت‭ ‬التلفزيونات‭ ‬والجرائد‭ ‬وعمالها‭ ‬،‭ ‬والحدادين‭ ‬والخطاطين‭ ‬والنجارين‭ ‬والقمّاشين‭ ‬والصباغين‭ ‬والراقصين‭ ‬والمغنين‭ ‬والطبالين‭ ‬والزمارين‭ ‬ونوادي‭ ‬الليل‭ ‬والفجر‭ .‬

سأضمّ‭ ‬لساني‭ ‬بحلقي‭ ‬ولن‭ ‬أشتم‭ ‬السفلة‭ ‬الأوغاد‭ ‬الأنذال‭ ‬الحرامية‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬البلاد‭ ‬وأهلها‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مثقال‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬بقايا‭ ‬شرف‭ ‬وآدمية‭ .‬

لن‭ ‬أنصح‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬بتوحيد‭ ‬قلبيهما‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬المفاوضات‭ ‬المائية‭ ‬الشاقة‭ ‬مع‭ ‬اثيوبيا‭ ‬وسد‭ ‬النهضة‭ ‬الكبير‭ ‬،‭ ‬ولن‭ ‬أذكّرهما‭ ‬بالخلاف‭ ‬المرير‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قائماً‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬تالياً‭ ‬الى‭ ‬ضياع‭ ‬حصتيهما‭ ‬معاً‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات‭ ‬اللذين‭ ‬ينبعان‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الطربوش‭ ‬العثماني‭ ‬القوي‭ .‬

سأترك‭ ‬جمل‭ ‬السياسة‭ ‬الليلة‭ ‬وأصرف‭ ‬ساعاتي‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬ايجاد‭ ‬حلٍّ‭ ‬ناجعٍ‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬يقضي‭ ‬تماماً‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬ناقوط‭ ‬الحنفية‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬رنينه‭ ‬برأسي‭ ‬المتعب‭ ‬مثل‭ ‬متوالية‭ ‬تك‭ ‬تك‭ ‬تك‭ ‬تك‭ !!‬

*المقال منشور في جريدة الزمان بتاريخ 7 أيار 2018

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...