“داعش” تعلن الحرب والعدوان على الاردن وتنفذ هجومين خطيرين في اقل من اسبوعين…

قوات أردنية

“داعش” تعلن الحرب على الاردن وتنفذ هجومين خطيرين في اقل من اسبوعين منذ بداية شهر رمضان.. لماذا حدث هذا التصعيد فجأة؟ وما معنى استخدام سيارات مفخخة في احدثها؟ وكيف سيرد الاردن امنيا وعسكريا وسياسيا؟ وهل سيفتح حدوده مع السعودية امام طوفان اللاجئين السوريين ولماذا؟

هجومان في اقل من اسبوعين تنفذهما عناصر محسوبة على “داعش” في داخل الاراضي الاردنية، الاول بسيارة مفخخة قرب مثلث الحدود مع سورية والعراق والسعودية، والثاني على مكتب تابع للمخابرات في مخيم البقعة الفلسطيني، يؤكدان ان هذه “الدولة” قررت اعلان الحرب على الاردن بطريقة او باخرى، الامر الذي يتطلب اتخاذ كل اجراءات الحيطة والحذر.

العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني سارع فورا الى الرد على هذا الاستهداف بالتأكيد على ان بلاده ستضرب “بيد من حديد” كل من يعتدي، او يحاول الاعتداء او المساس بأمنه”، الامر الذي يعكس مدى وعيه شخصيا، والسلطات الاردنية، بحجم هذا الخطر، وما يمكن ان يترتب عليه من تداعيات واخطار على امن البلاد واستقرارها في المستقبل المنظور على الاقل.

القواسم المشتركة بين الهجومين اللذين لم تعلن “داعش” مسؤوليتها عنهما، حتى الآن على الاقل، يمكن تلخيصها كالتالي:

  • اولا: استهداف موقعين عسكريين، الاحدث حاجز عسكري اردني قرب الحدود السورية شمال شرق المملكة، والثاني مكتبا للمخابرات، مما يعني ان هناك محاولة لـ”تحييد” الاهداف المدنية، والتركيز على العسكرية.

  • ثانيا: الهجوم الاحدث وقع قرب مخيم داخل الاراضي السورية قرب الحدود الاردنية، يزدحم بحوالي 60 الف لاجيء سوري تم منعهم من دخول الاراضي الاردنية لاشتباه وجود حوالي 2000 عنصر يتبع لـ”داعش”، بينما الهجوم الاسبق يقع قرب مخيم للاجئين الفلسطينيين في محاولة للزج بموضوع اللاجئين، فلسطينيين كانوا، او سوريين في الصراع بين “الدولة الاسلامية” والسلطات الاردنية، وبذر بذور “فتنة” لاعطائه بعدا آخر.

  • ثالثا: توقيت الهجومين، او بالاحرى حدوثهما، او تنفيذهما في شهر رمضان المبارك، ينطوي على معنى ديني اسلامي، يتزامن مع مرور عامين على اعلان ما يسمى ((الخلافة الاسلامية المزعومة من علي منبر الجامع النوري الكبير في الموصل من قبل  (ابو بكر البغدادي)، زعيم “الدولة”)).

ما يبعث على قلق السلطات الاردنية، في اعتقادنا، هو اللجوء الى السيارات المفخخة في الهجوم على الحاجز العسكري في منطقة الركبان الحدودية فجر اليوم الثلاثاء، ومقتل ثمانية جنود واصابة 14 آخرين، لان هذا الاستخدام غير مسبوق من قبل في جميع العمليات الارهابية التي استهدفت الاردن، وهذا ما يبرر في تقديرنا اقدام العاهل الاردني على عقد اجتماع من الطراز الرفيع للقيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية بصفته قائدها الاعلى، لبحث حيثيات الهجوم واخطاره.

العاهل الاردني الذي اسس القوات الاردنية الخاصة المشهود لها عربيا ودوليا بالخبرة والكفاءة والانضباط، واشرف عليها طوال عشرين عاما، قبل توليه العرش خلفا لوالده الراحل الملك حسين عام 1999، يدرك بحسه العسكري، ان الاردن مقدم على مرحلة امنية وعسكرية صعبة، وان الازمة السورية بدأت السنة لهبها تمتد الى الاردن، ولهذا بادر الى عقد هذا الاجتماع العسكري الذي حضره جميع اركان قيادتيه العسكرية والامنية الى جانب القيادة السياسية ممثلة برئيس الوزراء، ورئيس الديوان الملكي.

تمدد “الدولة الاسلامية” الى العمق الاردني واطرافه ربما يكون التطور الاخطر بالنسبة الى الاردن، الذي يشارك بفاعلية في التحالف الدولي الستيني بقيادة الولايات المتحدة الذي يحاربها في سورية والعراق، ويرسل (اي الاردن) قوات خاصة للتصدي لها في ليبيا والصومال، واماكن اخرى “غير معلنة” حتى الآن، ربما تكون اليمن وسيناء من بينها.

الحرب بين الاردن و”الدولة الاسلامية” التي تحارب على جبهات عديدة حاليا في العراق (الفلوجة وقريبا الموصل)، وسورية (الرقة واعزاز ومنبج) ستكون صعبة ومعقدة، علاوة على كونها مكلفة جدا ماديا وبشريا، خاصة اذا قررت هذه الدولة النزول الى الاراض والانخراط في العمل السري، وهذا اكثر ترجيحا، الامر الذي يتطلب توحيد جبهته الداخلية، وهذا الامر انعكس في سلاعة وقوف جميع الوان الطيف السياسي الاردني خلف الحكومة، بما في ذلك حركة “الاخوان المسلمين” التي ليست على وفاق مع الدولة.

اللافت ان الاردن يعيش ظروفا اقتصادية صعبة بسبب “عقوق” جيرانه الخليجيين، والسعوديين منهم خاصة، مما ادى الى اقدام حكومته الجديدة على رفع اسعار السلع الاساسية بنسبة كبيرة وسط شهر رمضان، الامر الذي سيؤدي الى زيادة معاناة المواطنين، من الغلاء ورفع الاسعار، مما قد يؤدي الى زيادة حالة التذمر المتصاعدة اصلا، ولوحظ تعالي اصوات عديدة داخل الاردن تطالب بفتح الحدود الاردنية السعودية امام تدفق اللاجئين السوريين نحو الاخيرة تماما، مثلما فعلت تركيا عندما فتحت حدودها امامهم نحو اوروبا.

الاردن في وضع صعب اقتصاديا وامنيا، والاخطار التي تهدده غير محدودة، يجب ان لا يواجه هذه الاخطار وحده، حسب اعتقاد الكثيرين داخل الاردن، وفي ظل هذه الاحوال الاقتصادية الصعبة، والتوقعات المتزايدة باحتمالات حرب اقليمية، وربما عالمية ثالثة تكون الاراضي السورية، ومنطقة الشرق الاوسط كلها مسرحا لها في ظل انسداد افق الحلول السياسي

وكانت القوات المسلحة الأردنية قد أصدرت بيانا حول الحادث جاء فيه:

القوات المسلحة الأردنية

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...