المخصصات المحذوفة وعش الدبابير !… (كتابة عدنان حسين)

أموال العراق

المخصصات المحذوفة وعش الدبابير !
عدنان حسين
عدنان حسين

من محاسن الموازنة العامة للدولة للعام (2016)، أن مجلس النواب أقرّها وشرّع قانونها قبل بدء العام بإسبوعين،وهو ما يحصل لأول مرة خلال عشر سنين، ما يؤكد القدرة على إنجاز هذا الاستحقاق السنوي في الموعد المطلوب، ويُظهر أن المماطلات التي كانت تحدث في الأعوام السابقة من المرجّح أنها مقصودة من أجل المزيد من العبث بالمال العام وإثارة  المشاحنات السياسية وتأجيج نار الصراع الطائفي.

لابدّ ان هناك محاسن عدة أخرى يعرفها أهل الاختصاص أكثر مني، مع أن عيبها الكبير أنها جاءت بعجز مالي كبير، وهذا راجع إلى عمليات العبث بالمال العام في عهد الحكومات السابقة، فضلاً عن انهيار أسعار النفط على نحو خطير هذا العام.
من المحاسن الأخرى أن هذه الموازنة لم تتضمن المخصصات المالية الكبيرة (بمليارات الدنانير أو ملايين الدولارات) التي كانت الحكومة السابقة تهبها لبعضٍ محدود جداً من المنظمات غير الحكومية في خرق سافر للدستور الذي كفل إقامة العدل والمساواة بين العراقيين جميعاً، وبالضرورة بين الهيئات والمنظمات التي ينشئونها. فتلك المخصصات كانت تُمنح لمنظمات تنظر إليها الحكومة على أنها منظمات موالية، فيما تحجبها عن سائر المنظمات المصنّفة في عداد المعارضة. ومقابل تلك المخصصات كانت المنظمات المستفيدة تطبّل وتزمّر للحكومة حقاً وباطلاً وتتستر على أخطائها وخطاياها. ولقد حفل عهد الحكومة السابقة بالكثير من مهرجانات التمجيد غير المُستحق، مدفوعة الأجر من تلك المخصصات المستقطعة من مال الشعب.
وقفُ صرف المخصصات المشار إليها يسدّ واحداً من أبواب الفساد الإداري والمالي، وحتى الاخلاقي، فتلك المخصصات كان أقل المستفيدين منها هم أعضاء تلك المنظمات، فيما الأكثر انتفاعاً بها هم قيادات تلك المنظمات الذين كانوا يوظفون تلك الملايين في البذخ والإنفاق على أنفسهم داخل البلاد وخارجها، وفي شراء الذمم والمناصب في بعض المنظمات الدولية.
أعرف أنني بهذا التأييد للاتجاه الجديد في الموازنة العامة على هذا الصعيد أكون كمن أدخل عوداً مشتعل الطرف في عشّ للدبابير. هذا أمر متوقع ممن تنعّموا بتلك الملايين، مثلما تنعّموا  بأموال أخرى مستوفاة بصورة غير شرعية ومن دون سند قانوني ( تحت مسمى الاعتمادات)، على حساب الذين كان من المفترض أن تنتهي إليهم المخصصات المرصودة في الموازنات العامة للدولة في صورة مشاريع استثمارية من شأنها تأمين متطلبات العلاج من المرض والعطالة عن العمل والتقاعد مثلاً، فضلاً عن الاستشهاد على أيدي الإرهاب.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...