المبني للمجهول !! (كتابة علي حسين)

الشيخ جلال الحنفي

المبني للمجهول !! (كتابة علي حسين)
كرس الديلتاوي  مصطفى جواد  40 عاما من حياته الثرّة بالابداع والعمل الصالح لوجه الوطن ، ولغنى اللغة العربية التي  تعمق فيها ، حتى قال عنه مجمع اللغة العربية  يؤبنه :”  كان عالما فذا وذواقا للغة وحريصا على  التعمق فيها واغنائها ”  وكان دائم الرد على كل من يحاول ان يحطم أو يتجاهل معشوقته العربية  ، وذات يوم  اختلف مع الشيخ جلال الحنفي حول اصل كلمة  ” جوبي ،”  فكتب الحنفي مقالا ساخراً بعنوان  ” قل جوبي  لا تقل شوبي ”  يحاول فيه ان يقلد طريقة مصطفى جواد في الحديث ،  وعندما أطل العلامة  جواد بعد اسبوع من على اشاشة التلفزيون  ،  أراد مقدم البرنامج ان  يسأله عن مقال  الحنفي ،  فقال الديلتاوي بصوته الهادئ ، وهو يداعب بأنامله المسبحة ذات الخرزات الكبيرة ، سنتحدث اليوم عن المبني للمجهول ، فعرف الحنفي ان العلامة  ، مغتاظ ويريد ان يتجاهله  فذهب اليه في اليوم التالي  ، وهو يضحك قائلا :  يامولانا حولتني من فاعل معلوم الى فاعل مجهول بفرة سبحة.

لا  أريد أن  أصبح ” برأسكم ”  ضليعا  في شؤون اللغة وخفاياها ، فانا لا ازال اخلط بين المعلوم والمجهول  ، مثل معظم مسؤولينا الذي يبرعون في تسجيل كل كارثة تصيب هذا الشعب ضد السيد مجهول  ،  لا جديد في الأمر سوى اختلاف صفة المجهول  ، مرة صواريخ لا تُرى منصات اطلاقها بالعين المجردة ، ومرات أخرى سيارات مظللة  تنقل المخطوفين بين غابة السيطرات بكل خفة ورشاقة ، ومرة مليارات نُهبت وحوّلت الى بنوك دول الجوار ، فكان  الاجراء هذه المرة معلوما ” شدو الاحزمة  لا رفاهية ولا تنمية ولامشاريع حتى عام 2030 كما بشرنا نائب همام  ،
منذ أن أعترف افلاطون  ان العدالة هي حكم الاكثر كفاءة  ، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملؤون الارض بسمة ورحابة والاهم منجزا تذكره الناس من بعدهم ،  وكما قال ارسطو يوما  ان الدولة توجد لتوفير حياة مرفهة  ،  أصر  بناة البلدان على انه لن تكون هناك  حياة كريمة ،  مالم  يتوفر لها رجال شجعان  
وتذكر جنابك ان  كلمة شجعان حرفناها نحن فاعتبرنا السارق شجاعا والنصاب شجاعا ، والقاتل شجاعا ، ولانزال نستخدم كلمة شقي للمديح والاطراء ، حتى اننا قبلنا ان يحكمنا الشقاوات لعشرات السنين  
أعود للمجهول الذي طغى على إعلامنا في الايام الماضية  ، فغاضهم ان تقوم مؤسسة مثل المدى باقامة حفل للجمال والحياة  ، فخرجت علينا  فضائيات محلية  تسجل الفعالية كمبني للمجهول ، في الوقت الذي أشادت فيه معظم وسائل الاعلام الاجنبية والعربية بدور المدى كمؤسسة مبادرة وراعية لهذا النشاط
أاعترف  كانسان مارس هذه المهنة منذ عقود  انني في السنوات الاخيرة  قليلا ما اتابع  نشرات الاخبار المحلية . اولا لأنها باهتة ، ، وثانيا لأن قلوبنا وعقولنا ارهقت بما سمي اخبار التصنيف الطائفي والسياسي . غير اني اتساءل، من وقت لآخر، أين أصبحت المهنية . وأين اصبح الاهتمام  بالمنجز المحلي ،   اتمنى  ان لايكون الاهتمام  على طريقة المهرجان الداعم  للمنتج  الوطني ، الذي كان السادة الحضور يستمتعون بشرب راني السعودي ويمسحون  اكفهم وافواههم بمناديل فاين الاردنية  .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...